أنا القهوى فمن يرقى لحالي
أنا البنُّ المحلقُ في المعالي
أنا السمراءُ أعلو كل طعمٍ
وأُلثمُ بالشفاه ولا أبالي
ففي أسمى العقول أقمت بيتي
ولي عبقٌ وسُكري بالحلال
صرفت القوم عن شايٍ توارى
تضعضع ركنه والركن بالي
ويعجز أن يقوم بكأس شربٍ
فلا طعمٌ ولا عبقُ الجمالِ
مرير الطعم لا يحوي جمالا
ويفخر إن تنعنع وهو خالي
أذابوا فيه سكرهم ليخفي
مرارا في الحلوق وفي المقالِ
وهذا القصف من لوني وطعمي
ففروا إن أردتم في جبالي
ولوذوا نحو حصن البن هيا
لتنجوا خلف سوري فهو عالى
قرعت طبول حرب قد تعالت
فذوقوا إنَّ رشفَ البنِّ غالي
أنا القهوى فأقصر عن نزالي
فعمي عنبر والمسك خالي
ودع عنك الوساوس قد توارى
شراب الشاي في جوف المحالِ
فما ثَبُت اليراع بكف ساقٍ
سوى كفٍ تلى بالكأس تالي
أتركب في البحور لأجل شايٍ
أضعت العمر بخسا في جدالي
تقاتل عن سرابٍ ليس إلا
وتفني العمر في هذا المقالِ
أغار على قصائدكم فحاذر
تهين الشعر في مدحٍ لبالي
أنا القهوى سموت فلا تلمني
إذا وقعت بكاستكم نبالي
فإن تأبى شراب البن حسبي
بأنك سوف تعيى من فعالي
فلي عبقٌ يفوح بغير إذنٍ
ويسلك كل أنف لا يبالي
يغار العطر من عبقي ويبقى
مذاقي رائعاً مثل الهلالِ
أنا البن المغمَّسُ في علومٍ
نسيت لأجلها أهلى ومالي
فكم كتبت قصائدهم برشفي
وكم حفظوا الصحائف من خلالي
أنا السمراء يهواني كرامٌ
ويعذل عاشقي بعض الموالي
أنا القهوى ويهواني فحولٌ
تمزمزني وتعجب من دلالي
وكم راقت لهم رشفات كاسي
وكم قاموا وكم سهروا الليالي
وقد كتبوا قصائدهم بوصفي
فغار الشعر من وصفي وحالي
وغار نساؤهم من بعد حبي
وودوا لو ينالوا من منالي
فرغتم من مذمتنا وقمتم
وظل البن في أفق الجلالِ
ضللتم عن جمال كون بعدي
فإن الحُسنَ بعضٌ من خِلالي
شادي الظاهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق