شجيرة الأحباب


أبتاه ماذا لو قرأت كتابي --- مازال طيفك ساكناً أهدابي
مازال صوتك رغم بعدك حاملاً --- أشجان عودى ذكريات ربابي
مازال لونك فى شروق مدينتي --- مازال عطرك عابقا بثيابي
مازلت أذكر ما حكيت وقلت لي --- يوماً و كنت بلمَّة الأصحابِ
فحكيت عن أرضي الكريمة يومها --- و خيولنا موصولة الأعقابِ
و لكم حكيت عن النعيم بحيِّنا --- و الكون يرجو رشفة بقرابي
و الخير من أرضي بحكمة يوسف --- جاءت إليه الخلق كالأسرابِ
و حكيت عن عزي و عز عروبتي --- و كرامة الخلفاء و الألقابِ
هذا صلاح الدين هذا عكرمة --- و حكيت عن موسى وعن ذرياب
أين الشجاعة و المروءة يا ترى --- أين الشموخ و نخوة الأعرابِ
أين العدالة في زمان عصابة --- جاءت لتسرق كرمة الأعنابِ
جاءت تجفف ماء نيلي بعدما --- صنعت بمكرٍ خِدعتي و سرابي
لا لستُ غراً يا بلادي ساذج --- فالعز أهلي و لتعوا أنسابي
لا تبكين على الكرام فإنهم --- رغم الشدائد سادة الأنجاب
في شامنا يا باكياَ من هولها --- سيظل مجدى طيلة الأحقابِ
مادام دين الحقِ يصدح معلناً --- أن الهزائم لا تحط ببابي
أبتاه حسبك أن سمعت مقالتي --- ما عاد عندي طاقة لعتابِ
طابت ليالٍ قد ملئتُ سماءها --- بنجوم قولٍ رائق منسابِ
و يطيب نومك يا كريم و بعده --- نشدو بشعرٍ عابق الأطياب
من قال أنى قد نسيت وحبُّكم --- يجري بدمَّى ساكناً أعصابي
أشيائكم عندى تنادى ويحكم --- ما كان يوماً بُعدكم بحسابي
فورودكم مازال يأرج عطرها --- وسمائكم فيها بكاء سحابي
عجباً لفوح الورد حين تزوره --- بعض الفراش لتنتشي برضابِ
أتقول هذا ثم ترقد بعدها --- و نظل نذكر روعة الأنخابِ
ما هكذا يا ورد تقضي بيننا --- فبنشر عطرك جنتي و عذابي
و اليوم نحيا بين قومٍ دوننا --- و نسير في الطرقات كالأغراب
لا لن أساكن بعد يومي فاجراً --- عبثت يداه بأرضنا كغرابِ
لما تباطئ في المعالي سيفنا --- خضعت رؤوس الذل للأذناب
ولذا تركت مدينتي و صحابتي --- و سكنت كوخا زاويا بهضابي
لا تحزنن على الرحيل فإنه --- سيُغَرُّ هذا الغِرُ عند ذهابي
لكنني سأعود حتماً يا أبي --- قسماً بربي لن يطول غيابي
سيظل صوت الحق يصدح هاهنا --- تلك المآذن تزدهي بقبابي
و يعود من عصي الإله بتوبة --- يا مرحباً بالعائد الأوابِ
سيُقبِّلُ الأرضَ الكريمة عندما --- سجدت جباه الذل للتوابِ
إنى رحلت وقد أخذت لذكركم --- لون العيون وبسمتى وشبابي
وأخذت بعضاً من ترابي بأرضكم --- كم مرة قبلت فيها ترابي
وغرست غصنا كان ينمو عندكم --- أسميته بشجيرة الأحبابِ

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تشطير أبيات حامل الهوى تعب

بنت اليراع

الجامعة